
ما مصير السفن الراسية في رأس عيسى عقب القصف الاسرائيلي الأخير على الميناء؟
عبد الرحمن ربيع، محمد الهمداني
في 10 يناير 2025، وقبل أيام من بدء الهدنة في غزة ، تعرضت اليمن لقصف إسرائيلي استهدف ميناء رأس عيسى في محافظة الحديدة، في وقت كانت فيه عدد من ناقلات النفط -بما فيها السفينة (MT E Pioneer)، والسفينة (MT Atlantis MZs)- راسية في الميناء، وعلى إثر ذلك، تداولت حسابات على منصتي التواصل الاجتماعي (إكس وفيسبوك) صورًا تظهر الأضرار التي لحقت بالناقلات نتيجة القصف.
عقب الحادثة صرح "جوشوا هاتشينسون"، المدير الإداري للاستخبارات والمخاطر في شركة أمبري، بأن عدة سفن وجدت نفسها في خضم الهجمات الإسرائيلية على موانئ اليمن، مشيرًا إلى أن سفن أبلغت عن أضرار جانبية تعرضت لها، لكن لم تصب أي منها بشكل مباشر.
هل أطلق أمن الميناء النار على سفينة حاولت الهروب؟
ذكرت مواقع إخبارية، وحسابات على منصات التواصل الاجتماعي، أن السفينة (MT Atlantis MZ) التي تحمل رقم تسجيل (9218181) أصيبت بطلقات نارية من قبل قوات الأمن اليمنية أثناء محاولتها مغادرة الرصيف عندما فهموا أن هذه السفينة كانت تغادر الميناء دون تفريغ حمولتها بالكامل، مع إرفاق صورة للسفينة.
لكن وبالبحث في أرشيف الوكالات الإخبارية الموثوقة كـ أسوشيتد برس، والمنصات المتخصصة في رصد الحوادث البحرية، لم نجد أي ذكر للحادثة أو إشارات تؤكد الادعاء المتداول.
من ناحية أخرى، تبين من خلال البحث العكسي أن الصورة المرفقة مضللة، حيث تعود في الواقع إلى ناقلة نفط أخرى هي (E Pioneer)، وليست Atlantis MZ، وهو ما يثير تساؤلات حول سبب وتوقيت هذا الادعاء المشكوك في صحته.
حالة من عدم اليقين
عقب الاستهداف الإسرائيلي لميناء رأس عيسى برزت حالة من عدم اليقين، عززها صمت الشركات المالكة للسفن المذكورة -بما فيها E Pioneer- الراسية في الميناء، إذ لم يصدر عنها أي تصريح رسمي حول الحادث، فضلًا عن ذلك، كان آخر ظهور للسفينة E Pioneer في 14 يناير، وهو ما ساهم في إثارة الشكوك والتكهنات حول مصير السفن.
نطاق الهجوم على الميناء
تُظهر صور جوية لميناء رأس عيسى قبل وبعد الهجوم الإسرائيلي تغيرات كبيرة في الموقع، حيث تُظهر الصورة الأولى -التقطت يوم 4 يناير 2025-، والتي تم تحديدها باللون الأصفر، الميناء في حالة سليمة، مع بنية تحتية واضحة ومواقع حيوية تبدو في حالة جيدة، ولا توجد أي مؤشرات على أضرار أو تفجيرات.
أما الصورة الثانية، التي تم تحديدها باللون الأحمر -تم التقاطها في 14 يناير 2025- فتُظهر آثارًا واضحة للهجوم، مع مناطق متضررة بشدة وتصاعد للدخان أو آثار احتراق في نفس المواقع التي كانت محددة باللون الأصفر سابقًا.
وتُظهرة أداة Sentinel Hub أن السفينة E Pioneer، كانت تبعد حوالي 260 مترًا عن موقع الاستهداف.
هل تحركت سفينة Atlantis MZ عقب الهجوم؟
تظهر البيانات أن السفينة Atlantis MZ كانت في حالة رسو (Mooring) بشكل أساسي خلال الفترة الممتدة من 10 يناير 2025 الساعة 15:04 (UTC) وحتى 11 يناير 2025 الساعة 01:04 (UTC)، حيث كانت السفينة ترسو عند إحداثيات متقاربة جدًا، حوالي 15.426 درجة شمالًا و 42.460 درجة شرقًا، مع بعض التغييرات الطفيفة في الإحداثيات العشرية، وخلال هذه الفترة، كانت سرعة السفينة منخفضة للغاية، حيث تراوحت بين 0.1 و 0.5 عقدة، ويُعزى ذلك إلى حركة الأمواج والتيارات البحرية، وهو ما يعني أن السفينة لم تشهد حركة فعلية، وظلت في حالة رسو حتى اليوم التالي للهجوم الإسرائيلي على الميناء، مما يشكك -في نهاية المطاف- في صحة الادعاء القائل بأن السفينة حاولت مغادرة الرصيف البحري.
ما مصير السفينة E Pioneer؟
باستخدام أدوات تحقق مدفوعة تبين أن ناقلة النفط E Pioneer ما زالت راسية في ميناء رأس عيسى ولم تغادر حتى لحظة إعداد التقرير، مما يثير علامات الاستفهام حول بقاء السفينة في المدة طوال هذه المدة.
في يوم 10 يناير 2025، شهدت حركة السفينة تحولًا ملحوظًا خلال اليوم. بدأت السفينة يومها في حالة رسو، ثم انتقلت إلى حالة الإبحار، حيث زادت سرعتها تدريجيًا لتصل إلى 4.6 عقدة في الساعة 13:44 (UTC)، واستمرت السفينة في الإبحار ولكن بسرعات متفاوتة، حيث بلغت سرعتها 2.8 عقدة في الساعة 14:14 (UTC) ثم 1.1 عقدة في الساعة 14:45 (UTC). بعد ذلك، بدأت السفينة في التباطؤ والتوقف، حيث دخلت في حالة الربط ابتداءً من الساعة 15:17 (UTC) واستمرت في هذه الحالة حتى 23 يناير حيث تحركت بسرعة 1 عقدة بحلول الساعة 05:32 (UTC)، ما يعني أن السفينة كانت في الميناء وقت الهجوم ولم يتم تسجيل أي حركة للسفينة حتى تاريخ 23 يناير.
ما تفسير طول انتظار السفن في الميناء؟
أشار تقرير نشرته بلومبرج في 10 يناير 2025، إلى أن عدة قاطرات بحرية تضررت بشدة نتيجة لهجمات من قبل الطائرات الإسرائيلية في 19 ديسمبر الفائت، وذكر التقرير أن هذه القاطرات كانت خارج الخدمة لمدة ثلاثة أسابيع تقريبًا، فضلًا عن أن موظفي الميناء كانوا يعملون ببطء على جلب الناقلات إلى الميناء، مما أدى إلى تأخير في دخول ناقلات النفط إلى الميناء وتسبب في اختناق مروري، كما أوضحت بلومبرج أيضًا أنه وفقًا لبيانات تتبع السفن وبيانات فورتيكسا Vortexa، كان هناك ما لا يقل عن 15 ناقلة نفط، بعضها يحمل وقودًا روسيًا، كانت متجمعة في الميناء أو بالقرب منه يوم 10 يناير.