
لا هندسة مناخية وراء الجفاف الحاصل في اليمن
أحلام جميل
تداولت حسابات على منصات التواصل الاجتماعي مزاعم تتهم دولًا وجهات خارجية بالوقوف وراء ما أسمته بـ"الهندسة المناخية" التي يُزعم أنها تسببت في قلة هطول الأمطار وارتفاع درجات الحرارة في اليمن، من خلال تشتيت السحب الماطرة وإحداث الجفاف. وقد تم الترويج لهذه المزاعم من خلال عدة حسابات، كما هو موضح هنا و هنا و هنا وهنا وهنا وهنا
صورة مولدة للهندسة المناخية وليست حقيقة
ماهي الهندسة المناخية؟
الهندسة المناخية مصطلح علمي يشير إلى مجموعة من التقنيات المقترحة التي تهدف إلى التدخل المتعمد في نظام المناخ الأرضي، بهدف التخفيف من آثار الاحتباس الحراري وتغير المناخ. هذه التقنيات لا تشمل "تفكيك السحب" أو "سحبها من أجواء اليمن" كما ورد في الادعاءات، بل تشمل إجراءات مثل تقليل انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون، عكس الإشعاع الشمسي، ومكافحة التصحر.
أما تقنيات الاستمطار، فهي تهدف إلى تحفيز السحب على تساقط الأمطار من خلال إدخال مواد كيميائية أو أخرى تعمل كنوى لتكوين قطرات المطر. لكنّ نجاح هذه التقنية يتطلب وجود سحب ركامية مناسبة. وتُستخدم تقنيات الاستمطار في بعض الدول العربية مثل السعودية، الإمارات، والمغرب.
أسباب التغيرات المناخية في اليمن
تشهد اليمن والمنطقة عمومًا موجات جفاف وارتفاعًا في درجات الحرارة نتيجة للتغيرات المناخية التي تراكمت على مدى عقود، نتيجة للأنشطة البشرية التي زادت من انبعاث الغازات الدفيئة، مما أدى إلى احتباس المزيد من الطاقة الشمسية في نظام الأرض، وبالتالي ارتفاع درجة حرارته.
وقد حدثت تغيّرات واسعة وسريعة في الغلاف الجوي، والمحيطات، والغلاف الجليدي، والمحيط الحيوي. هذه التغيرات المناخية لا تحدث خلال فترة زمنية قصيرة، بل تتطلب عقودًا أو حتى قرونًا. إلا أن التغيرات في العصر الحديث تتسارع بمعدل يقارب 10 أضعاف مقارنةً بالفترات السابقة، وفقًا لبيانات الأقمار الصناعية وأدوات دراسة المناخ.
ووفقا لتقرير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ ipcc مارس 2023 عن أسباب التغير المناخي فإن النشاط البشري هو السبب الرئيسي للتغير المناخي الحاصلة خصوصا حرق الوقود الأحفوري (الفحم، النفط، الغاز الطبيعي) والاستخدام غير المتكافئ للطاقة والأراضي، الذي تسبب في زيادة انبعاثات غازات الاحتباس الحراري ما نجم عنه ارتفاع درجات الحرارة العالمية بمقدار 1.1 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل العصر الصناعي.كما يؤكد التقرير استمرار الزيادة المستمرة في الانبعاثات على الرغم من بعض الخطط والإجراءات، الهادفة إلى الحد من الاحترار العالمي إلى أقل من 1.5 درجة مئوية. ويشير التقرير إلى أن القطاعات مثل الصناعة، الزراعة، وتغير الغابات ، النقل، والمباني تساهم بشكل كبير في انبعاثات الغازات الدفيئة ، وقد أدت هذه التغيرات إلى أمطار غزيرة، موجات حر، جفاف، وعواصف أكثر تواترًا وشدة في معظم مناطق العالم
اليمن وتغير المناخ
تُظهر البيانات أن اليمن من الدول الأكثر عرضة لتأثيرات التغير المناخي، حيث سُجّل ارتفاع كبير في درجات الحرارة القريبة من سطح الأرض في مختلف المناطق. وتشير الاتجاهات المناخية في الفترة بين 1971 و2020 إلى أن متوسط درجة الحرارة السنوي ارتفع بمعدل 0.4 درجة مئوية كل عشر سنوات، وكانت المناطق الداخلية الشمالية الأكثر تأثرًا، خاصة خلال الصيف والخريف.
تأثير التغير المناخي على هطول الأمطار
تُظهر البيانات تغيّرات في نمط هطول الأمطار في مختلف أنحاء اليمن، حيث تزايد الهطول خلال فصل الصيف مع ارتفاع ملحوظ في التباين، ما تسبب بظواهر طبيعية أكثر حدة. في المقابل، انخفضت أمطار الربيع بشكل طفيف، ما أدى إلى تغيّر في موسمية الأمطار. وقد بلغ متوسط انخفاض معدل هطول الأمطار السنوي 6.25 ملم لكل عقد خلال الفترة بين 1971 و2020.
تأثير التغير المناخي على الصحة
يؤثر تغير المناخ على الصحة العامة من خلال:
ارتفاع حالات الإجهاد الحراري وضربات الشمس.
تفاقم أمراض الجهاز التنفسي المرتبطة بتلوث الهواء مثل الربو.
انتشار الأمراض المعدية المنقولة عبر الحشرات.
ويتوقع أن ترتفع حالات الإصابة بالأمراض المرتبطة بموجات الحرّ الشديدة في اليمن بنسبة تصل إلى 25% بين عامي 2020 و2050، نتيجة لتغير المناخ. كما يشير تقرير صادر عن البنك الدولي إلى أن 7.2 ملايين شخص في اليمن معرضون لدرجات حرارة شديدة في السهول الساحلية الجنوبية والغربية.
التحقق من مصدر الادعاء
بعد التحقق، تبين أن المزاعم المتداولة تستند إلى منشور منسوب لحساب شخصي على "فيسبوك"، هنا وقد تم حذف المنشور لاحقًا. إلا أن الحساب لا يزال يروج للمزاعم ذاتها دون تقديم أي دليل علمي. ويدعي صاحب الحساب أنه باحث في "فيزياء المناخ" يعمل في "مركز أبحاث فيزياء المناخ والبيئة - تعز، اليمن"، وهو مركز وهمي لا وجود له في الواقع ضمن المؤسسات العلمية المعترف بها في اليمن.
فحص المحتوى المولد بالذكاء الاصطناعي
ولمزيد من التحقق، خضعت عدة منشورات تروج لهذه الادعاءات لتحليل بواسطة أداة "AI Detector" المتخصصة في كشف المحتوى الناتج عن الذكاء الاصطناعي، وأظهرت النتائج أن جميع النصوص قد تم إنشاؤها باستخدام الذكاء الاصطناعي، دون تدخل بشري مباشر.