سفن بلاهوية تتصيد اليمنيين
منذ عام 2015 وحتى 2024، أعلنت القوات الأمريكية والفرنسية والبريطانية المشاركة في التحالف البحري في البحرين العربي والأحمر والمحيط الهندي عن مصادرة 20 شحنة سلاح تقليدي وغير تقليدي كانت على متن قوارب صيد شراعية مجهولة الهوية أو "عديمة الجنسية" كما يتم وصفها، ووفقا لبيانات الضبط فقد كانت متجهة من فيلق القدس الإيراني إلى جماعة الحوثين في اليمن.
منصة "يوب يوب" أجرت بحثًا مكثفًا في المصادر المفتوحة وأدوات تتبع السفن، إضافة إلى دراسة تقارير القوات الأمريكية والفرنسية والبريطانية والدعاوى القضائية المرفوعة أمام المحاكم الأمريكية. من خلال هذا البحث، تتبعنا أسماء السفن الشراعية وأرقام تعريفها للوصول إلى الحقيقة
في 28 يناير/كانون الثاني 2024، أعلنت القوات الأمريكية عن ضبط سفينة في بحر العرب كانت تنقل أسلحة إيرانية متطورة إلى الحوثيين، بما في ذلك صواريخ باليستية، ومتفجرات، ومكونات زوارق وغواصات مسيرة، إضافة إلى معدات اتصالات عسكرية وصواريخ موجهة مضادة للدبابات. كانت هذه العملية جزءًا من سلسلة عمليات قامت بها إيران عبر فيلق القدس لإرسال الأسلحة إلى جماعة الحوثي خلال عقد.
وفقا للمعلومات المتاحة في المصادر المفتوحة، فإن بداية هذه الأنشطة تعود إلى سبتمبر/أيلول 2015، عندما تم الإعلان عن ضبط قارب صيد إيراني في خليج عمان محملاً بالأسلحة أثناء توجهه لتسليمها للحوثيين.
تواصلت عمليات ضبط القوارب الإيرانية حتى أواخر شهري فبراير/شباط ومارس/آذار 2016، حيث تم توثيق مصادرة عدة قوارب صيد شراعية، من قبل السفن الحربية الأسترالية، الفرنسية، والأمريكية.
لكن كيف تسللت الأسلحة الإيرانية إلى جماعة الحوثي؟
بين نهاية مارس/آذار 2016 و25 نوفمبر/تشرين الثاني 2019، كانت المياه الإقليمية اليمنية الممتدة من حدود سلطنة عمان حتى المياه الإقليمية الصومالية مسرحًا مفتوحًا لعمليات تهريب الأسلحة. وقد وردت تقارير عن العشرات من قوارب وسفن الصيد الإيرانية والصومالية والمجهولة الهوية، إلا أن القوات المشتركة لم تُعلن عن ضبط أي سفن أو قوارب خلال تلك الفترة.
خلال العام 2022، رصدنا عبر المصادر المفتوحة 281 سفينة صيد إيرانية وصومالية وتايلاندية وأخرى غير معروفة تواجدت في المنطقتين الاقتصاديين لليمن والصومال، كما تم رصد 169 سفينة أخرى بين يناير/كانون الثاني وأغسطس/آب 2024 ويثير هذا العدد الكبير من السفن تساؤلات حول ما إذا كانت قد قدمت لممارسة الصيد فقط؟
في 25 نوفمبر/تشرين الثاني 2019، ضبطت القوات الأمريكية قارب الرحيب «عديم الجنسية» وكشفت وزارة العدل الأمريكية لاحقا من خلال التحقيقات أن الرحيب يتبع فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، وكانت من بين الأجزاء التي تم مصادرتها قطع صواريخ أرض جو، وفي الواقع كانت تلك القطع أجزاء من صاروخ أطلقت جماعة الحوثي عليه اسم "القدس" وصواريخ أرض جو ومناظير للرؤية الجوية.
وبالعودة إلى أدوات تتبع سفن الصيد والسفن التجارية لم يتم العثور على أية معلومات عن قارب الرحيب، ما يثير الشكوك حول وجود استخبارات دولية وراء إخفاء تفاصيل ومعلومات القارب.
وبالمثل تختفي كافة معلومات قارب " قناص ١" الذي ضبطته السفن الحربية الأميركية في 9 فبراير/شباط 2020 وكان يقوده بحارة يمنيين، ويحمل على متنه مئات من الصواريخ والذخائر المرسلة إلى الحوثيين هنا، مما يعزز فرضية وجود عمليات تهريب منظمة.
من خلال البحث في المصادر المفتوحة نجد أنه يتم إخفاء كافة المعلومات الخاصة بالزوارق الشراعية التي استُخدمت في تهريب السلاح إلى اليمن من خلال عمليات البيع والشراء المتكررة وتغيير الأسماء وإيقاف تشغليها لفترات طويلة، واستخدام شركات وهمية في أكثر من دولة.
وتبرز أسماء القوارب كنقاط مبهمة في مياه البحر الواسع، قادمة من موانئ الإيرانية بندر عباس وجاسك، وتتجه - وفقا لتقارير السلطات الأمريكية - إلى نقطة التقاء قبالة الساحل الصومالي، كسفن مغذية، حيث يتم تحميل الأسلحة على قوارب أصغر تقوم بنقلها إلى الموانئ الصومالية واليمنية.
"مروان 1"
في 1 ديسمبر/كانون الأول 2022، ضبطت القوات الأمريكية سفينة الصيد "مروان 1" (MMSl: 666000041) في خليج عمان، وكانت تحمل أكثر من 50 طنًا من الذخيرة وصمامات ووقود صواريخ مرتبطة بفيلق الحرس الجمهوري الإيراني، وكانت متوجهة إلى الحوثيين في اليمن.
السفينة التي رُصدت في نوفمبر/تشرين الثاني 2022 في ميناء بندر عباس الإيراني، تغيرت أسماؤها عدة مرات، لكنها لم تتمكن من إخفاء بياناتها. على الرغم من أنها كانت سفينة تابعة لشركة تايلاندية، فقد رفعت في وقت ما علم الصومال، ثم علم جيبوتي، مدعية أنها ملكية صومالية أو جيبوتية.
وفقًا لتحقيقات الاستخبارات السمكية IMI وبحسب منظمة "أوقفوا الصيد غير المشروع" (منظمة أفريقية)، قد تكون السفينة مرتبطة بالشركة الصومالية "سوملينك" للاستثمارات السمكية، التي لها علاقات بعُمان وجيبوتي، وكانت متورطة في الصيد غير القانوني والاتجار بالبشر وهي التهمة التي وُجهت لطاقم السفينة التايلانديين.
تشير المعلومات الصادرة عن الاستخبارات السمكية إلى أن "مروان 1" تواجدت في مايو 2020 في أحد الموانئ اليمنية، لكن لم يتم تحديد أي ميناء على وجه التحديد.
تمويه
خلال تتبع عمليات تهريب الأسلحة إلى اليمن، رصدنا العديد من السفن والقوارب التي تم تغيير أسمائها أو تغيير علمها لتضليل السلطات الدولية وهي جزء من استراتيجية مستخدمة للتمويه والتلاعب بالبيانات والتنقل بحرية في المياه الدولية.
في 18 يناير/كانون الثاني 2022، تم الإبلاغ عن نفس السفينة الإيرانية التي كانت قد ضبطت سابقًا قبالة سواحل الصومال وهي تقوم بتهريب الأسلحة إلى اليمن. وفقًا لأداة "جلوبل فاشن"، تعتبر سفينة الصيد الإيرانية "الخالد" رقم MMSI 422170415)) هي السفينة التي تواجدت في المياه الإقليمية الصومالية خلال الفترة من 1 إلى 28 فبراير/شباط 2021، وهي السفينة التي تم تغيير اسمها لاحقًا إلى "الفافا".
في 20 ديسمبر/كانون الأول 2021، تم ضبط قارب الصيد "الغزال" رقم (MMSI 422461100)، والذي أطلق من ميناء جاسك الإيراني وكان يحمل طاقمًا يمنيًا، وفقًا لما قدمه المدعي العام الأمريكي أمام محكمة مقاطعة كولومبيا.
وفي العام ذاته، تم ضبط مركبين شراعيين هما Al-Shimasi و .Bari-2 ووفقًا للدعوى القضائية الأمريكية، كانت السفينة "باري 2" متجهة نحو نقطة الالتقاء قبالة الساحل الصومالي، وكانت قد سبق أن قامت بالعديد من الرحلات بين الموانئ في الصومال واليمن وإيران. يُعتقد أن هذه السفينة كانت تعمل كسفينة "مغذية" للمراكب الشراعية اليمنية الصغيرة التي تقوم بنقل البضائع من الساحل الصومالي إلى الموانئ اليمنية في حضرموت والمهرة والمناطق المجاورة.
تظهر المعلومات الحالية من أدوات تتبع السفن أن إيران قد حوّلت "باري 2" إلى قارب للتنزه في محاولة للتخلص من الأدلة التي قد تدينها، وهو ما يعكس محاولات التمويه التي تقوم بها إيران.
أما مركب " Al-Shimasi" فإنه وفقا للدعوى المرفوعة أمام محكمة كولومبيا فقد أوقفته البحرية السعودية في 17 أبريل 2020 أسفر اعتراضi عن مصادرة 3,002 بندقية هجومية من طراز كلاشنيكوف "56-1" و4,953 صندوق خرطوش مطابق، وتسعة (9) بنادق مضادة للمواد من طراز "AM-50 Sayyad"، و49 رشاشاً خفيفاً من طراز "PK"، وأكثر من دزينة من المناظير الحرارية من طراز RU90G وRU120G.
بينما أسفرت عملية ضبطت باري 2 بتاريخ 24 يونيو 2020 وفقا لذات الدعوى محكمة كولومبيا عن مصادرة شملت 1,298 بندقية هجومية من طراز كلاشنيكوف "56-1"، و200 قاذف صواريخ "RPG-7"، و50 بندقية مضادة للمواد من طراز "AM-50 Sayyad"، و 5 قاذفات صواريخ "RPG-29"، و385 رشاشاً خفيفاً من طراز "PK"، و60 رشاشاً ثقيلاً، و21 حاوية لإطلاق صواريخ موجهة مضادة للدبابات من طراز "9M133". 11. أشار تقرير لجنة 2021 إلى أن المراجعة التي أُجريت على الأسلحة التي تم ضبطها من السفن "الشمسي" و"باري-2" أظهرت أن العديد منها كان مصدره إيران.
ووفقا للدعوى فإن إحداثيات السفينة باري ٢ أظهرت أن السفينة قد سافرت سابقًا بين موانئ في الصومال واليمن وإيران. ما يرجح أنها كانت عمل في ذلك الوقت كسفينة "مغذية" للسفن اليمنية الصغيرة التي تنقل البضائع من الساحل الصومالي إلى موانئ يمنية في وحول حضرموت والمهرة.